class='ads'>
الاثنين، مايو 4

الجزء الثالث والأخير من "مشروع رؤية جديدة لتدريس وحدة التربية الإسلامية"


         مشروع رؤية جديدة لتدريس وحدة التربية الإسلامية

الدكتور عبد الرزاق  المساوي

ج*التدريس بالوحدات :

ثم نأتي لندرس الموضوع المحدد من القصة القرآنية بالمنهج الإقرائي المبين أعلاه بعد توزيعه على وحدات متساوية أو متقاربة من حيث الكم والكيف، وتجمع كل وحدة خيوط عناصر عديدة لتؤلف منها كيانا متناسقا ومتكاملا ومستقلا بذاته من حيث الموضوع كما قد يربط رابط معين بين مكوناتها ومكونات وحدات أخرى تصاحبها في رحلتها التعليمية/ التعلمية – كالربط بين مكونات وحدة التربية الإسلامية ومكونات وحدة اللغة العربية ووحدة النشاط العلمي وغيرها من الوحدات المكونة لمنهاج التعليم الأساسي- لتتعمق فكرة الوحدة على جميع المستويات في أذهان الناشئة انطلاقا من وحدة القراءة والتعليم والفكر والثقافة إلى وحدة الممارسة والعمل الاجتماعي والإنساني.. ولهذا وجهنا التربية الإسلامية وجهة التدريس بالوحدات تيسيرا لها وبسطا لمكوناتها حتى تتحقق الأهداف المرتجاة منها، ويتمكن المتعلمون المستهدفون من اكتساب كفاياتهم منها بشكل أجود وأحسن..

وتستغرق من حيث الغلاف الزمني كل وحدة للتعامل معها وبسطها للدرس والبحث، ثلاثة أسابيع من القراءة والدرس والمتابعة والبحث والاستقراء والاستثمار...

ويتوزع الأسبوع الأول منها على حصص زمنية مخصصة للدرس الأول الذي هو عبارة عن: توطئة للدرس وتمهيد ثم قراءة للآيات القرآنية المصورة للقصة المقترحة حسب المستوى والسن، مع شرح الكلمات وضبط الآيات، وفهم معانيها فهما إجماليا وتفصيليا والوقوف على بعض ما تصوره من أخلاقيات وسلوكيات، ثم معرفة كل ما يمكن أن يستفاد من الآيات وبعد ذلك تأتي مجموعة من أسئلة التقويم والدعم والتثبيت...
أما الأسبوع الثاني فيخصص للدرس الثاني من الوحدة نفسها وهو عبارة عن توطئة استذكارية للدرس الأول, ثم تقديم الدرس الثاني وقد تأتي فيه الآيات مكملة لآيات الدرس الأول أو مأخوذة من سورة أخرى ثم يتم اتباع مراحل الدرس الأول مرحلة مرحلة...

أما الدرس الثالث فهو في الأسبوع الثالث والأخير من الوحدة وهو عبارة عن نص للمطالعة مختار غالبا من كتب اهتمت بموضوع الدرسين السالفين، ويكون هذا النص مصحوبا بمكونات للدعم والاستثمار، وهي عبارة عن مجموعة من الأسئلة والتمارين التطبيقية والمستخلصة من نص المطالعة الذي تم اختياره من قبل, وأيضا من الدرسين السابقين في الوحدة نفسها، لتتكون بذلك مجموعة من الأنشطة القرائية والتطبيقية والكتابية...

وأخيرا تتوج الوحدة بنص قرائي حر منتقى، أي أنه نص مختار من أحد الكتب الإسلامية حول القصة المدروسة في الوحدة... لا يخرج هذا النص عن المجال نفسه ولا يتعداه، بل يكون متمما له ومكملا أو حاملا لأفكار إضافية ومعلومات أخرى تدعم ما سبق في الوحدة، أو تفصل فكرة مرت فيها مجملة، أو تجمل أفكارا جاءت فيها متفرقة، مع الاهتمام بمجموعة من الألعاب القرائية التي تساعد المتعلم على ترسيخ موضوع وأهداف الوحدة..

د*التدريس بالأهداف والكفايات :

وحدة التربية الإسلامية من طبعها وطبيعتها أنها هادفة وغائية, وأهدافها تنطلق من داخلها ومن ذاتيتها، من أصولها ومن أسسها، ومن مكوناتها بل ومن طبيعتها التكوينية أولا وقبل كل شيء. ثم تنطلق ثانيا مما يُنْشِدُهُ واضعو برنامج هذه الوحدة، ويتصورونه، ويخططون له أو يبرمجون، فهم دائما ينطلقون من أهداف يحددونها ويرغبون في تحقيقها وتحققها على مستوى أفق معين.. و ثالثا من رغبات أو حاجيات أو متطلبات المتعلمين أفرادا وجماعات، لأن المتعلمين هم أساس البناء التعليمي التعلمي، وهم بؤرة هذه العملية، منهم نقطة الانطلاق وإليهم المنتهى.. لذا وجب التركيز على حاجياتهم ومتطلباتهم.. مع ربط كل هذا وذاك بالواقع، الواقع المشهود للرقي به إلى واقع منشود...

إذن المادة أو الوحدة بصفة عامة هادفة، وهادفة بشكل واضح، لذلك كان التدريس بالأهداف ليس مطلبا فقط، وليس طارئا عليها، بل هو نابع من أصلها، لذا فهي (أي الأهداف) فرض يجب أولا تسطيرها وتوضيحها وتبيينها، وتفعيلها وتحقيقها ولمسها في واقع التدريس وكذا في واقع المجتمع، ويساهم في ذلك كله المنظر/المربي والمدرس/المربي والمتمدرس/المربى.. "فالهدف – كما يقول د. محمد الدريج - سلوك مرغوب فيه يتحقق لدى المتعلم نتيجة نشاط يزاوله كل من المدرس والمتمدرسين.."(انظر التدريس الهادف ص86)

وهذه الوحدة تتوخى تحقيق مجموعة كبيرة من الأهداف انطلاقا من الأهداف العامة إلى الأهداف الخاصة، أي انطلاقا من الفكري والنظري والمجرد إلى الواقعي والمحسوس والملموس، انطلاقا من النوايا العامة والمجردة إلى الإنجاز الفعلي والعملي الذي يتجلى ويتضح من خلال ما اكتسبه المتعلمون من تطور فكري ووجداني وسلوكي، بناء على أن هذه الأهداف المستقاة من طبيعة الوحدة أو المنتقاة من طبيعة كل مادة على حده، تعمل على تصحيح وتصليح أو تغيير وتبديل أو ترسيخ وتثبيت أو تطوير وتفعيل مجموعة من المكتسبات والقدرات والمهارات "للسمو بنمو المتعلمين الديني من الشكلية الآلية إلى الممارسة العلمية الواعية والمسؤولة"(ص5 أهداف وتوجيهات)...

لذا وجب تحديد الأهداف جميعها ببالغ الدقة وفائق التمعن وشديد الوضوح و في غاية العناية والضبط والتركيز قبل الخوض في أي موضوع من مواضيع مواد وحدة التربية الإسلامية، لأن ذلك " لا يعني إلا الوضوح في الرؤيا: أي الوضوح فيما نقوم به وكذا الوضوح فيما نريد أن نصل إليه"(ص: 27 من الأهداف والتقييم في التربية)

ثم تحديد أو رصد مجموعة من الكفايات التي يجب أن تتحقق وتظهر آثارها أو أن تبرز في ذهن وعقل ووجدان وسلوك المتعلم –بناء على متوسط الكفايات في الأدنى - انطلاقا من مكتسباته الذاتية أي النابعة من فطرته وسليقته، ومن تفكيره المجرد والبعيد عن أي تأثير خارجي، ومن مكتسباته التي تنمو في نفسيته وذاكرته وتتزايد بفعل تأثير مجموع علاقاته الأسرية والعائلية، وأيضا من مكتسباته التي تساهم في وضعها ورسم خريطتها وترسيخها وأيضا من تواصلاته وعلاقاته الاجتماعية والبيئية والعالمية. كل هذه المكتسبات الذاتية والمحيطية الموجودة والمحتملة تتفاعل فيما بينها مصقولة بالأهداف المبيتة والمحددة والمقيدة والمسطرة.. لتصل بنا إلى تحديد كفايات المتعلمين والتي هي مختلفة اختلافهم أنفسهم، ثم لا ننسى أن كل هذا " سلوك قابل لأن يكون موضع ملاحظة وقياس وتقويم"(محمد الدريج ص86)

هـ*التدريس بالتقويم والدعم والاستثمار:

بعد التدريس بالمنهج الموضوعاتي – كما حددناه - لمواد التربية الإسلامية موزعة حسب مجموعة من الوحدات كما رسمناها تدريسا يعتمد المنهج الإقرائي – كما أوضحنا -، وعن طريق تحديد مجموعة من الغايات والمرامي والأهداف بجميع مستوياتها وفي جميع تجلياتها، ورسمها بشكل جيد وواضح، يأتي دور رصد مستويات كفايات كل متعلم مما نشط فيه من دروس، ومعرفة إلى أي حد استطاع إدراك واستيعاب ما قدم إليه أثناء القيام بالعملية التعليمية/التعلمية التي شارك فيها كعنصر فاعل، بل وكان هو بؤرتها، يأتي دور التدريس بمنهج التقويم والدعم والاستثمار، وهو وسيلة لمعرفة ما تحقق من الأهداف المسطرة، وما تم من اكتساب للمهارات وما توصّل إليه المتعلمون من قدرات – سواء تعلق الأمر بمواد وحدة التربية الإسلامية أو بمواد الوحدات المصاحبة لها كاللغة العربية والنشاط العلمي وغيرهما – ثم العمل على تثبيت وتركيز والدفع قدما بجميع الكفايات (المسطرة والمحتملة) ودعمها وتوسيع معطياتها وتفعيلها في إطار الممارسات اليومية للمتعلم وتحسيسه بمسؤولياته تجاه مكتسباته تلك حتى يعمل على ترويجها..

وحتى يكون هذا المنهج فاعلا في هذا المشروع المقترح خصصنا له الأسبوع الثالث من الوحدة، وهو عبارة عن مجموعة من الأنشطة التي تبدأ بنص للمطالعة والقراءة والتأمل والاستثمار وهو نص له علاقة بالقصة المقررة في الوحدة مأخوذ من إحدى المصادر المعتمدة.. ومذيل بتمارين تطبيقية تبدأ بـ:

"أشرح" الذي يتمرس فيه المتعلم على البحث في القاموس عن مجموعة من الكلمات، ثم يأتي:

"أجيب" ليستذكر المتعلم هنا ما رآه خلال دراسته للوحدة فيجيب عن أسئلة تتعلق بما مضى من الدروس.. ثم:

"أفكر" ويستخدم المتعلم هنا فكره وذكاءه ليتمكن من تحرير الإجابة الصحيحة على أسئلة في الموضوع.. ثم:

"أبحث" حيث يبدأ المتعلم رحلة البحث في بطون الكتب للإجابة عن الأسئلة المطروحة.. ثم:

"أستثمر" وهنا تتجلى العلاقة الموجودة بين وحدة التربية الإسلامية ووحدة اللغة العربية – على الأقل– في المستوى نفسه، وذلك بالوقوف على بعض مكونات اللغة العربية كالتراكيب والصرف والتحويل والإملاء... تلك المكونات المضمرة أو المقعدة انطلاقا من النصوص القرآنية.. ثم:

"أتدرب" وهو عبارة عن تدريب المتعلمين على الخط العثماني المغربي وذلك بنقل آية أو أكثر من الخط العادي المطبعي إلى الخط العثماني..  ثم يأتي:

"أطبق" لتصاغ هنا مجموعة من قواعد القراءة والنصائح التي تفيد المتعلم في قراءته للقرآن الكريم الذي يتميز عن غيره من النصوص القرائية..

و* الخلاصة:

إذن هناك إحساس وشعور ووعي بوجوب إصلاح المنظومة التربوية في بلادنا بصفة عامة، وإصلاح وحدة التربية الإسلامية بصفة خاصة، ومن هنا كانت هذه الرؤيةالجديدة لمكونات وحدة التربية الإسلامية وطرق تدريسها، نقترحها ونرجو إثراءها وإغناءها بالحوار الهادف المشبع بأسس وخصائص الإسلام، والملم بمعالم ومرتكزات ومبادئ التربية، والواعي بمقومات بناء وطننا المجيد، والعارف بما جد في عالم العلوم الإنسانية التي يمكن أن تساهم في تفعيل مواضيع التربية الإسلامية بشكل أمتن وأسرع، ولا ينسى هذا الحوار الجاد أن يكون منبثقا عن عقلية استفادت بشكل إيجابي من الأحداث الدامية- بهرجها ومرجها- التي أصابت العالم المعاصر كي يعطي لدرس التربية الإسلامية الدور الحقيقي الذي يضطلع به - كدرس جامع مانع- في بناء النفوس بناء قويما بعيدا عن كل إفراط أو تفريط، وذلك من خلال مكونات هذه المادة أو الوحدة التي أشرنا إليها مكونا مكونا وأوضحنا منطلقاتها جميعها، وانطلاقا من طرق تدريسها، تلك الطرق التي حاولنا تركيزها في ما سبق من القيل، وهي قابلة بطبيعة الحال لكل نقد وتصويب وإغناء..
فما على الجهود إلا أن تتضافر..

والله الموفق لكل خير..

المراجع:
1* أهداف وتوجيهات تربوية للسلك الأول من التعليم الأساسي المملكة المغربية وزارة التربية الوطنية.. مطبعة النجاح الدار البيضاء الطبعة الأولى 1995
2* مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين.. المملكة المغربية اللجنة الخاصة بالتربية والتكوين أكتوبر 1999..
3*  الموجه الفني لمدرسي اللغة العربية.. عبدالعليم إبراهيم.. دار المعارف مصر الطبعة العاشرة بدون تاريخ..
4*  ديداكتيك تدريس القراءة بالسلك الأول من التعليم الأساسي المرحلة الأولى.. سلسلة التكوين التربوي رقم 12..يشرف عليها خالد المير وإدريس قاسمي الطبعة الأولى 2000..
5* مناهج التربية الإسلامية والمربون العاملون فيها.. "سلسلة أصول التربية الإسلامية" للدكتور ماجد عرسان الكيلاني مؤسسة الريان بيروت لبنان طبعة 1998
6*  القراءة أولا... محمد عدنان سالم دار الفكر دمشق سورية ودار الفكر المعاصر بيروت لبنان.. الطبعة الثانية معادة..199
7*  الخطاب التربوي بالمغرب.. أحمد احدوثن.. سلسلة المعرفة للجميع العدد: 28.. يناير فبراير2003
8*  إصلاح نظام التربية والتعليم.. الدكتور عبدالله ساعف.. المعرفة للجميع العدد: 20.. أبريل ماي 2001
9* الكفايات في التعليم.. للدكتور محمد الدريج.. المعرفة للجميع العدد: 16.. أكتوبر 2000
10*  التدريس الهادف.. للدكتور محمد الدريج.. مطبعة النجاح الجديدة الدارالبيضاء-1990
11* طرق منهجية التدريس الحديث للدكتور محمد زياد حمدان.. ضمن سلسلة التربية الحديثة –21- .. دار التربية الحديثة الأردن
– عمان.. طبعة 1985

انتهى، نسأل الله تعالى أن يكتب لهذا المقترح السداد وأن يجد آذانا صاغية وقلوبا واعية وأنفسا سخية حتى يستفيد الطفل مما سطر من أجله هذا العمل الذي نرجو من الله تعالى أن يتقبله خالصا لوجهه سبحانه..



0 تعاليق:

إرسال تعليق