class='ads'>
الأربعاء، مايو 6

سؤال وجواب: "إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح"

إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح

سؤال من الدكتور (...) عن قصة ابن نوح عليه السلام

الدكتور عبدالرزاق المساوي


وقف أمامي الأستاذ الدكتور(...) وهو صديق عزيز وسألني قائلا:

"قل لي يا أستاذ المساوي قرأت قصة ابن نبي الله نوح عليه السلام من خلال سورة هود وقرأت بعض ما قيل فيها خصوصا في قوله تعالى:( إنه عمل غير صالح ) فقد قُرِئَتْ "عَـمِـلَ" على صيغة الفعل الماضي، و"غيرَ" بالنصب، والمعنى : إن ابنك عملَ عملاً غيرَ صالح يعني أشرك وكذب..
وقُرِئَتْ : عَـمَـلٌ (بالرفع والتنوين) غيرُ صالحٍ...
وكثر في الموضوع الكلام إلى درجة أنهم خاضوا في عِرض سيدنا نوح عليه السلام..
وأنا أثق فيما تقرأ به بعض الغوامض، فما قولك في هذا الأمر المختلف في تأويله جزاك الله خيرا؟"

قلت له مبتسما هل نجلس أم نبقى واقفين؟ 
قال نبقى واقفين مادام الأمر لن يأخذ منا إلا دقائق معدودات..
قلت لا فلربما الساعات.. 
قال لا عفوا سيدي إذا كان الأمر كما تقول فعلا نتركه إلى فرصة أخرى...
أو قل لي أرجوك النتيجة باختصار شديد، تُرِحْ بها قلبي.. 
قلت نتوكل على الله ومنه سبحانه التوفيق..

نجلس أولا...

سأترك كل ما قيل وما ورد في كتب التفسير ولا نناقش ما جاء في كتب القصص القرآني وإلا فيمكن تناول كل فكرة على حده وكل رأي منفردا والرد على ما وجب الرد عليه وإقرار ما يمكن إقراره.. ولذلك قلت نحتاج لساعات..
ولكن ما سأقوله الآن (-بعد التعريج على كل ما قيل-) هو قراءتي الخاصة لهذا المشهد من مشاهد قصة نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.. وأرجو من الأعلى القدير أن أكون مصيبا بفضل من الله، وإلا فالتقصير مني أسأل الله أن يغفر لي..

بسم الله نبدأ:
أما قراءة الكسائي رحمه الله "عَمِلَ" فعلا ماضيا مبنيا على الفتح، وغيرَ مفعولا به منصوبا، فلا إشكال في تأويل ذلك.. أما قراءة الباقين من القراء "إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ" فقد تركت كلاما كثيرا..

إلا أن الأمر لا يحتاج إلى كل تلك المناظرات والمحاجات والمناقشات... فإذا قلنا إنه هو ابن نوح عليه السلام "عَمَلٌ غيرُ صالح" سنطرح السؤال مباشرة هو ابن نوح عليه السلام مجرد عمل، وكل عمل يحتاج إلى عامل أو قل يدل على وجود عامل فمن العامل يا ترى؟؟ من الذي عمل هذا العمل الذي هو عبارة عن إنسان (ابن نوح)؟..

وفي البحث عن الإجابة من القرآن الكريم نفسه سنجد الجواب في قول الله تعالى من سورة التحريم: "ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين"
ما العلاقة بين هذه الآية وتلك التي ذكر فيها ابن نوح..؟

كيف نجمع بين الآيات، كيف نوفق بين هذين المشهدين من مشاهد قصة نوح عليه السلام؟

إن العامل الذي نبحث عنه في أصل الحكاية هو إنسان آخر، إنها امرأة نوح هي التي عملت  وصنعت هذا العمل/الصنيع/الولد، هي التي صنعته بعقيدتها، ورعته بسلوكياتها تحت عينيها، وعجنته في الانحراف بيديها، وربته بهواها انطلاقا من خيانتها لزوجها.. وقضية الخيانة هنا فهمها بعضهم فهما خاطئا أيضاً، ولكي نفهمها نعود إلى القرآن مرة أخرى، وهو الذي أورد الخيانة على خمس مستويات دلالية، ولا يمكن أن نختار من هذه الخمس سوى الذي يوافق المجال الذي نحن فيه، ويوازي مقام نوح نبيا ورسولا عليه السلام وليس بشرا فحسب، وذلك بالنظر إلى الآية التي وردت فيها قضية الخيانة لله ولرسوله في سورة الأنفال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ"

فالخيانة بالنسبة لزوج النبي نوح عليه السلام ليست زنا ولا فسادا ليست بمعنى الفاحشة، وإنما هي معصية الله تعالى، خيانة الرب سبحانه، ونفاق في دين الله تعالى، وكفر بعبادته سبحانه مستور، وبعد عن دعوة نوح عليه السلام وخيانته رسولا دون أن يدري وهذا يعني أنها كانت متفننة في التقية متقنة لها بشكل لا يترك لنوح عليه السلام مجالا لكشفها ومعرفة أمرها.. خانته بأن سترت عنه خيانتها العظمى وهي كفرها بالله جل جلاله، وأخفت عنه لزومها لعبادة قومها وعدم خضوعها لله تعالى في سريرتها، كانت تخون زوجها في إظهارها ما يريد وإخفائها لما تريد... هذا هي الخيانة الأولى خيانة الله وخيانة الرسول، ثم خيانة أمانتها التي على عتقها، فقد ربت وعلّمت ونمّت ورعرعت ابنها على ما تؤمن به هي وليس على ما يدعو إليه زوجها ربته على ما كان عليه قومها من عبادة غير الله تعالى، وسترت ذلك عن نوح وكانت هذه خيانة ثانية.. إذاً خانته في عبادة ربها وخانته في اتباع رسولها/زوجها وخاناته في تربية ابنها..

كان يثق بها إذاً وقد وكل إليها هذا الأمر لأنها هي الأنسب لذلك، هو يهتم بأمور العمل والدنيا وجلب الرزق والدعوة إلى الباري سبحانه ونشر الدين والخلق، وهي تهتم بأمور البيت وشؤون المنزل، وتهتم بتربية الأولاد وتغرس فيهم المبادئ التي يدعو زوجها الناس إليها.. فكانت الخيانة على وجهين خانته رسولا في دينها، وخانته زوجا في تربية ابنها.. وهكذا يبدو أن الإشكال قد يحل والمعضلة قد تزول..

وأرجو من الله السداد والتوفيق..

فبادني صديقي قائلا وهناك إشكال آخر هو لماذا استثنى الله امرأة لوط من رحمته بصريح الآيات، ولم يستثن امرأة نوح بأي آية؟؟
نرجو أن يجمعنا الله على ذكره وشكره..

تحميل ملف "PDF"


1 تعاليق:

  1. لقد وَعَدَ الله نوح أن يُنجيه وأهله إضافة إلى القلّة التي آمنت بدعوته التوحيديّة.
    والذي حصَلَ أنَّه أثناء بدء وقوع كارثة الطوفان, خاطب نوح ابنه بواسطة جهاز اتّصال عن بعد (هاتف جوَّال) وطلب منه اللحاق به بواسطة وسيلة نقل تعتمد على الطيران في الفضاء . فرفض الانضمام إلى الناجين من الكارثة وقال لنوح (سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ). فخاطب نوح ربَّه وطلبَ منه الوفاء بعهده ويُنقِذ ابنه من الغرق. وهذا ما أعلمنا عنه تعالى من خلال قوله (وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الحَاكِمِينَ). فأجابه تعالى (قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجَاهِلِينَ).
    – في الآية السابقة معلومات في غاية الأهميّة فيما لو عرفنا المقصود من :
    1 – (مِنْ أَهْلِكَ) ؟ 2 – (عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) ؟

    - إنَّ كلمة (الأهل) في القرآن الكريم وردت بأكثر من معنى. منها : أ - جاء في قواميس اللغة العربية (وتَأَهَّلَ واتَّهَلَ على افْتَعَلَ : اتَّخَذ أَهْلاً وقال يُونُس : أي تَزَوَج) . كما جاء ما يلي (الأَهْلُ لِلرَّجُلِ : زَوْجَتُه ويدخلُ فيه الأولادُ وبه فُسِّر قولُه تعالَى : " وَسَارَ بِأَهْلِهِ " أي زوجتِه وأولادِه كأهْلَتِهِ بالتاء).
    قال تعالى (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الآية (32 – 33) الأحزاب.
    ب – جميع أمّته, وأمّة كلّ نبيّ أهله. قال تعالى (قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ) ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُوا وَاتَّقَوْا).
    - فلو تأمَّلنا قولَ نوح وقوله تعالى من خلال ما جاء في الآيات السابقة , لوجدنا الخلاف يدور حول المقصود بـ(الأهل). وعليه فإنَّ المقصود بقوله تعالى (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ). خارج نطاق المقصود بالأهل السابقة وحصرياً (ليسَ من زوجتك) ؟
    2 - (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) ؟

    اقتباس : تطوّر رهيب:
    ففي يوم 20-6-2005 نشرت جريدة "الاندبندنت الإنجليزية " خبر عن تطوّر جديد في أبحاث الخلايا الجذعية . إذ قالت الجريدة أنَّ علماء وباحثين إنجليز من جامعة "شيفيلد" تمكَّنوا من إنماء خلايا حيوانات منوية بشرية من الخلايا الجذعية .
    ويقول بعض العلماء: أنَّ هذا التطوّر يطرح أسئلة أخلاقيّة خطيرة فهو يعني : أنَّه عند أخذ الخلايا الجذعية من رجل واحد, فمن الممكن إنتاج أو إنماء حيوانات منوية وبويضة في نفس الوقت, ولو تمَّ إخصاب البويضة بالحيوان المنوي فإنَّ ذلك الرجل سيكون جينياً هو الأب والأم معاً لذلك الطفل الوليد !!!
    وبناءً عليه : فإنَّ قوله تعالى (عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) , المقصود به : - أنَّ "ابن نوح" الذي كانَ يَظنّه من أهله : جاء نتيجة إنماء حيوانات منوية وبويضة من "الخلايا الجذعية" لنوح. وتمَّ إخصاب البويضة بالحيوان المنوي. وعليه فإنَّ نوح هو الأب والأم معاً لذلك الابن الوليد !!!
    – وهذا دليل آخر من قبله تعالى إلى مستوى التقَدّم العلمي والحضاري التي وَصَلت إليها البشريّة في عصر نوح قبل الطوفان. هذا العلم الذي أحاطه تعالى إلى عباده من أجل رفع مرتبتهم من الاسلام إلى الايمان المطلق. فاستغلَّه المرضى في عقولهم ليكون سبباً في نشر الفساد والافساد !!

    ردحذف