class='ads'>
الثلاثاء، يوليو 7

سؤال وجواب: حول ليلة القدر المباركة بإذن الله



إن موضوع ليلة القدر من المواضيع القديمة الجديدة وما قيل فيها من قرون لا زال يتردد..
ليلة القدر هي الليلة المباركة بإذن الله تعالى التي قال فيها المولى جل وعلا: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ، سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ" إنها ليلة واحدة في العام كله جمعت فضائل كثيرة وميزات عديدة، "ليلة القدر مختصة بهذه الأمة، زادها الله شرفًا، فلم تكن لمن قبلها" كما يقول الإمام النووي رحمه الله وقال أيضًا: "ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة، ويستحب طلبها والاجتهاد في إدراكها" (المجموع 6/447) إنها ليلة ليست كبقية الليالي، فيها أنزل الله أجمع كتبه وأفضل شرائع دينه، وجعل أجرها عظيما وفضلها جليلا، ومردودية حسنات العمل فيها أضعافا مضاعفة، المحروم من حرم العمل فيها فحرم أجرها ولم ينل خيرها، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.. يحث الرسول صلى الله عليه وسلم على إحياء هذه الليلة العظيمة بالإيمان والاحتساب، لتجتمع شروط القبول في لائحة المغفور لهم تلك الليلة، وكان صلى الله عليه وسلم أول العاملين، فما أمر صلى الله عليه وسلم بخير إلا وكان السباق إليه عليه الصلاة والسلام، روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان إذا دخل العشر الأواخر أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر) وعند أحمد ومسلم:(كان يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيرها). ولقد كان عليه السلام يجتهد في العشر الأواخر من شهر رمضان لأن ليلة القدر فيها وخصوصا في الوتر من لياليها، وكل ما ورد كما قال ابن القيم رحمه الله من "الأحاديث التي في ليلة القدر ليس فيها حديث صريح بأنها ليلة كذا وكذا" (زاد المعاد 1/376).. ولقد عَلِمها ثم نُسّيها صلى الله عليه وسلم لحكمة أرادها الله تعالى من وراء ذلك بلا شك.. روى البخاري في صحيحه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى (تخاصم) رجلان من المسلمين فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعتْ، وعسى أن يكون خيراً لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة" وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أُرِيتُ ليلةَ القدر ثم أيقظني بعض أهلي فنُسيتها، فالتمسوها في العشر الغوابر" فهذان الحدثان المنفصلان يبينان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمها أو كاد مرتين، ولكن لأسباب يعلمها الله يتم نسيانه لها تحديداً وبسبب مرتين "التلاحي والإيقاظ" مما يعني أن الله تعالى أراد وإذا أراد فلا راد لما أراد سبحانه، ثم جاء عند البخاري في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" كما أنه صلى الله عليه وسلم أعطى علامات ومؤشرات دالة عليها، ولوح من قريب إلى طبيعتها، كل هذا ليقرب لنا صلى الله عليه وسلم حل مشكل هذه الليلة، وليضعنا على الصورة مباشرة وينسج أمامنا خيوطا تشير إليها وأمارات تدل عليها كي نكون على بينة من أمرها على الرغم من خفائها، فنعمل جادين لأجل إدراكها والتعرض لتجلياتها والانتفاع بخيراتها.. روى الإمام أحمد من حديث عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة كأن فيها قمراً ساطعاً، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يُرمى به فيها حتى تصبح" و أخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة" قال القاضي: فيه إشارة إلى أنها تكون في أواخر الشهر، لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر.(النووي على شرح مسلم حديث 1170) وفي الباب روايات بين صحيحة وضعيفة.. وأما العلامة التي تأتي بعدها فهي كما قال صلى الله عليه وسلم "أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها" كما جاء في صحيح مسلم عن أبي بن كعب. فكأن الشمس يومئذ لغلبة نور تلك الليلة على ضوئها، تطلع غير ناشرة أشعتها في نظر العيون. (النووي في شرح مسلم)
وأخيرا وليس آخرا إن العمل الجاد الدؤوب -كل عمل- في تقصي الخير بإخلاص وتجرد من كل شائبة تبطله لهو الهدف من كل ما قيل عن ستر ليلة القدر وإخفائها، فمن كان صادقا في عمله لا بد أن يبينها الله تعالى له أو أن يشعره بها طال الزمان أم قصر..
اعمل وأخلص وتوكل على الحي الذي لا يموت وادع الله وأنت موقن بالإجابة.. ادع بكل دعاء ترمي فيه إلى الخير وتقصد منه ما يقصده المؤمن الصادق، ومن أفضل الأدعية التي تردد في رمضان كله وفي هذه الليلة على الخصوص ما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها فيما يرويه الترمذي وغيره عنها قالت: " قلت يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟" قال: " قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني" (أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم وابن السني والبغوي وأبو يعلي والبيهقي)
واعلم يرحمني ويرحمك الله أنه ما لم يثبت لديك من الأعمال التي تقام في مثل هذه الأيام العشر بالدليل الساطع فلا تتبعها، فالبدع والمنكرات كثيرة في مثل هذه الأيام لإفسادها على محبي الخير فيها، فإنه "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" كما جاء عن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته..
والله الموفق لكل خير..




0 تعاليق:

إرسال تعليق