class='ads'>
الجمعة، مايو 29

مقال لم ينشر منذ 1989م "الناقد الإسلامي وتحقيب تاريخ الأدب"

الناقد الإسلامي وتحقيب تاريخ الأدب

الأستاذ عبد الرزاق المساوي
  (منذ 1989م لم تقبل مجلة منار الإسلام الإماراتية نشره على الرغم من أنها نشرت الجزء الأول منه وكذلك فعلت مجلة الأمة القطرية لا لشيء إلا لأنه يقترح حديث الخلافة على منهاج النبوة بديلا لتقسيم تاريخ المسلمين)
مدخل:

          لا أحد يماري في أن الأدب الإسلامي بدأ في الآونة الأخيرة يتلمس طريقه إلى المكان الذي يليق به على مستوى العالمية، بعد أن قطع أشواطا لا بأس بها في رسم خريطة هويته، والوقوف على بعض قضاياه وإشكالاته، والانخراط في عالم أجناسه وأنواعه وأشكاله، والخوض في كل تجلياته ومظاهره، ووضع المعالم الأساس لهندسة مواقعه، والعمل على تطوير أدواته ومناهجه.. كل هذا بدت معالمه تتوضح مع مرور الزمان واجتهادات الأدباء والنقاد والدارسين والباحثين كل في تخصصه.. ومع ذلك فهذا لا يمنع من القول بأن هناك قضايا كثيرة وأمورا عديدة ومسالك متنوعة تهم الأدب الإسلامي بشكل عام لم تأخذ ما تستحقه من العناية والبحث والاهتمام، ولم تجد من يشبعها درسا وتمحيصا حتى تكتمل الرؤية المؤسسة لنظرية الأدب الإسلامي التي يصبو إلى تحقيقها كل عامل في هذا الحقل..

         ولعله من القضايا التي لم تشغل بالنا – نحن معشر المهتمين بالأدب الإسلامي- ولم نولها ما تستحقه من الاهتمام الذي يجب كما يجب، قضية التأريخ لهذا الأدب والعمل على إبراز معالمه –إبداعا ونقدا وتنظيرا..- انطلاقا من نبتته الأولى إلى رسم أفقه المستقبلية مرورا بمحطات تاريخية عديدة ومتنوعة.. وهذا بطبيعة الحال ناجم عن أسباب قد تكون كثيرة لكن السبب البارز سيكون هو عدم وجود من يسهر على دعم مثل هذا المشروع الضخم ماديا ومعنويا، ولن يتأتى ذلك لجمعية أو رابطة محدود أفقها المادي على الخصوص وإن كانت طموحاتها واسعة وكبيرة..

         ولقد أثرنا هذا الموضوع منذ سنوات طويلة في مقال تحت عنوان "الناقد الإسلامي بين تاريخ الأدب ونقده"(1)  ونريد أن نضيف أن كل أمة من الأمم– خاصة إذا تعددت شعوبها ولغاتها ولهجاتها، وتوسعت خريطتها، وعاشت ردحا من الزمان طويل جدا تراكمت فيه إنتاجات غزيرة لأدبائها..- لا يمكن لهذه الأمة أن تحقق وحدتها الثقافية والحضارية، أي أن يتحقق لها وجودها الفعلي في الحياة دون الاهتمام برافد أساس من روافد هذه الوحدة وهو الأدب، ولا يمكن لهذا الأدب أن يكون رافدا مدرارا في مساهمته الوحدوية ما لم يتم الوعي به تاريخيا، وما لم يتم التعامل مع تاريخه بالشكل الذي أوضحناه في المقال السابق ذكره، حتى نتمكن من رصد مكوناته ومقوماته وخصائصه وتحولاته ومراحله، ومراحل تشكله وتطوره واختلافاته، والوصل بين كل حلقاته ولمّ شمله وجمع شتاته..

         وأخيرا فإن طه حسين طرح في وقته سؤالا لازال مدويا لحد الساعة يقول فيه(2): "متى يوجد تاريخ الآداب العربية؟" وأنا أقول بملء في وبشكل أوسع وأرحب: "متى يوجد تاريخ الآداب الإسلامية؟" على اعتبار أن تاريخ الآداب العربية يمثل جزءا لا يتجزأ من تاريخ الآداب الإسلامية الذي يحتوي على مجموع آداب الشعوب الأخرى غير العربية، ولكنها تنتسب إلى الإسلام..  

أهمية تاريخ الأدب:

                             لتاريخ الأدب – ونعني به التأريخ للأدب ونقده – (3) فوائد جمة وإيجابيات كثيرة، تكون لصالح الأمة التي تهتم به وتعنى بالعمل على تطوير أدواته وازدهار أساليبه وتلميع مقوماته وصقل ركائزه والحفاظ على أحسن مكوناته وأفضل خصائصه والعناية بميزاته ومميزاته، وتتفنن في ترويجه وتعميمه وتسعى إلى تحسين ظروف تعليمه، وتبرز أزهى مراحله وأزكى ما فيه وتصلح أخطاءه وتعيب على المروق إذا وجد فيه كما توضح ثغراته ولا تسكت عن عثرات بعض فترات جموده.. فهو بالنسبة لها وسيلة أساسية للحفاظ على شخصيتها ومقومات وجودها وأمجادها وطريقة رئيسة للكشف عن هويتها ومدى أصالتها وعمق تجاربها، ومرآة خالصة تعكس للأمة الصورة الحقيقية لوجهها مما يسعفها على المضي في تزيينه وتنميقه إن كان وجها حسنا، أو تسعى لتنقيته وتحسينه إن بدا على ما يخالف ذلك.. وأداة طيعة للاحتفاظ بلغتها نقية صافية بيضاء تتمتع بعذوبتها وجزالتها وسلاستها ورصانتها وسهولتها وفصاحتها، وتعيش بعيدة عن أسباب الانحطاط أو الضعف التي تتربص باللغات الطبيعية الدوائر.. ولنستمع لكارلو نالينو الذي يقول، بالنيابة عنا، حاثا ومحفزا أهل العلم وطلابه والمشتغلين بالأدب (العربي) على الاهتمام بتاريخه: ".. إن شدة الاعتناء بأداء لغتكم الشريفة وتاريخها ليست فقط مسألة علمية بل خدمة جليلة لوطنكم يحق عليكم القيام بها.." ويضرب الأمثلة عما وقع لأمم اهتمت بآدابها وتاريخها، فيقول: ".. وإن راجعتم كتب تواريخ الغرب ألفيتم أن بعض الأمم الإفرنجية قد تراكمت عليها الفتن والحروب\...\سلمت من الفناء التام لتمسكها بحفظ آداب لغتها والعناية بتخليد ذكر مآثر قدمائها العلمية والأدبية.." (4)

         تاريخ الأدب وسيلة لتوضيح المؤثرات التي توالت وأثرت في عقلية الأمة وثبتت في ذاكرتها، ولتوضيح الآثار التي قد تركتها هي في غيرها من الأمم والشعوب.. كما أنه – أي تاريخ الأدب – أداة للتعريف بشخصياتها وعباقرتها وروادها الأفذاذ الذين صنعوا أمجادها ووشحوا حياتها بزينة العلوم والآداب والفنون المؤدية إلى التقدم.. وأقاموا حضارتها شامخة للعيان، وخلدوا للخلف آثارها، ورفعوا رايتها بين الأمم، ونشروا تحفها وفرائدها وأذاعوا قضاياها.. ثم إن تاريخ الأدب يبصرنا بخوالج النفوس ومكنوناتها وطبائعها كما يرسم بريشة المبدع الأديب عواطف القلوب وهزاتها، وميول الأهواء وشطحاتها، ومستويات العقول ودرجات تفكرها، وعلاقات الأفراد ومشاعرهم وسلوكياتهم، وأحوال المجتمع وما يتعرض له من تطورات، أو ينتابه من تغيرات، أو يلحقه من انقلابات أو انفلاتات.. ويحمل كذلك بين طياته نظرات إنسان الأمة إلى الكون والوجود والطبيعة والحياة والإنسان ذاته، وتصوره لنفسه ولمن حوله من الخلق والمخلوقات، وسبحاته في كل ذلك، مع محاولات التفسير والتوضيح وإضفاء الذات، والتغيير والدفع إلى المزيد من خدمة الإنسان كخليفة في هذه الأرض.. وغير هذا كثير من الأمور التي يمكن أن نلمسها ونستشفها من إبداعات الأدباء وإنتاجاتهم، وهي لا تخفى على دارسي ومؤرخي الأدب..

         إن تاريخ الأدب عملية مثمرة ومستمرة.. لا يمكن أن تستغني عنه أمة من الأمم إلا إذا وقعت تحت براثن الجمود الفكري، وجحدت الحركة الثقافية والفكرية والأدبية – على الخصوص – وأثرها في الحياة والناس.. وقطعت ما بينها وبين ماضيها – القريب أو البعيد – من وشائج وأواصر، وتنكرت لما قد يحويه هذا النوع من الممارسة الإنسانية الحيوية من مفاهيم ورؤى ونظرات ترسم من خلالها آفاقا معينة، مما قد يعرضها للتيه والضلال في حياتها، والقطيعة عن أصولها وعدم غرس أو بناء نبتتها التي يمكن أن تكون أصلا لخلفها ومن يأتي من بعدها.. وأنكرت سلفها ورجالاتها ولم تحفل بحضارتها مما يدفعها إلى البحث في حضارات أخر عن رجال آخرين غير رجالها، تماما كما وقع في فترة من فترات تاريخنا حين كنا نعرف عن حضارة ورجالات الغرب أكثر مما نعلم عن حضارتنا وأسلافنا وأجدادنا الذين مهدوا - فعلا – لرجالات تلك الحضارة الطريق وسددوا لهم الخطا كي يحققوا أخيرا ما هم فيه..

         ولهذا فإن الأمة إذا استغنت عن تاريخ آدابها أو غفلت عنه – كما ثبت في تاريخ بعض الأمم - أو تجاهلته أو تركته للأيدي الملوثة تعبث به فقد حكمت على نفسها بأن تكون في عداد الموتى فوق التراب لا تحته، أو بأن تكون أمة بلا شخصية أو مجردة من كل ما يربطها بأمجادها، ومن ثمة فهي خارج التاريخ لأنها لا تنتج وإنما تستهلك فقط.. ولا تبني فروعها على أصولها مما يجعلها في أحسن أحوالها نسخة لغيرها وقد تكون نسخة مشوهة، وقد يأتي عليها حين من الدهر تجتث من تربتها..

         والأمة الإسلامية ما فرطت أبدا في تاريخها ولا في آدابها إلا أنها تركت فسحة واسعة جدا استقبلت من خلالها ما هب ودب من الآداب والأفكار ما مزق الأصول الأصيلة فيها، وقزم الفروع التي أتت منها، فأصبحت الأمة في مهب الريح.. مرة تكتسي بكسائها على الرغم من وجود رقع متعددة ومختلفة، ومرة ترتدي ثوب غيرها.. والآن فإن الأمة الإسلامية أحوج ما تكون إلى تاريخ آدابها من أي وقت مضى.. فهي في حاجة إلى أقلام مسلمة مخلصة تعيد كتابة تاريخ الآداب الإسلامية كفرع من فروع التاريخ العام، وذلك عن طريق الهدم والبناء..

         هدم كل المحاولات التي أنتجتها مجموعة من الأقلام المسعورة أو المأجورة أو المغفلة.. ونسف كل ذلك الركام الأدبي العالق بتاريخ الإسلام والذي يحسب عليه وهو في الحقيقة لا يمت إليه بصلة.. وبناء نظرية إسلامية تاريخية نقدية يصاغ على أساسها الأدب ويعاد من خلالها تفكيكه وتشكيله، كما يتم نقده ودراسته اعتمادا على رؤيتها وبناء على نظريتها وانطلاقا من زاويتها ليسير على هداها..

         هذا الهدم والبناء هو المنهج الذي يخول للناقد الإسلامي أن يبعث في الأدب وتاريخه روحا جديدة، ونفسا طويلا وزكيا، ووظيفة إيجابية تعمل في النفس والمجتمع والحياة.. وبهذا المنهج يتمكن الإسلامي من الربط بين ماضيه العريق وحاضره المتردي، كي يرسم خطوطا عريضة وواسعة وكبيرة لبناء مستقبل مخالف لذلك الماضي الأدبي المنحرف والمدسوس في كثير من جوانبه، ومتجاوزا لهدا الحاضر الأدبي المنحل الذي ينشر ظلماته على الساحة الأدبية الآن..
         الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى تاريخ آدابها برؤية إسلامية تتمتع بنظرة إيمانية ربانية، ومقومات ذات أسس إنسانية قويمة، وخصائص فكرية وفنية متميزة، ومكونات أدبية مستقيمة، وتتغيا إحقاق الحق وإزهاق الباطل.. كما أنها في حاجة ماسة إلى لغتها من منبعها الصافي المعين.. في حاجة ماسة إلى رجالاتها وسلفها وقوادها الثقافيين والأدبيين الصالحين.. إلى معرفتهم والاقتداء بهم واتباع آثارهم وتتميم ما بدؤوه من أعمال شامخة وخالدة في التاريخ، يفخر بها حتى أعداؤهم أنفسهم.. كما أنها في حاجة ماسة إلى معرفة التيارات المنحرفة وأساليبها وملابساتها، أو ما يمكن أن يمس الحياة الإنسانية من انحراف وضلال وتيه وتعثر وسقوط، وذلك عن طريق الكشف عما تراكم في التاريخ من ذلك، والوقوف عنده طويلة وقفة المتأمل الدارس الحصيف.. وهذه المعرفة الأخيرة تخول لنا عدم تكرار التاريخ بأخطائه وانحرافاته وزيغ أدبائه عن الصراط السوي..

         إن تاريخ الأدب في حس الإسلامي يجب أن يكون حافزا لتكوين شخصية لغوية أدبية منفردة تسعى إلى إيجاد عالم مغاير جديد يقوم على أنقاض هذا العالم المشوش الملبس بالخطيئة.. كما تسعى إلى توحيد غايات الأمة وأهداف الجماعة، وتبلور كل الوسائل التي توصل إلى هذه الغايات وتلك الأهداف..

         ويبقى تاريخ الأدب أخيرا وليس آخرا وسيلة من عدة وسائل أخر تعمل مجتمعة متفاعلة فيما بينها كي تؤسس المدينة التي طالما حلم بها الأدباء وبحث عنها المفكرون إلا أنهم أخطؤوا طريقها.. إذن الاهتمام بهذا الموضوع / القضية يجب أن يكون من بين اهتمامات كثيرة يعمل فيها أهل التخصص، كل في مجاله، مما يساهم في آخر المطاف في تجميع الجهود وتنويرها وتكثيفها وحشدها وإعمالها فتصبح جاهزة تماما لتفجير ما يتوخاه الإسلامي منها والذي هو تحقيق ما بشر به المصطفى r في قوله من حديث سنأتي على ذكرها كاملا إن شاء الله تعالى:" ثم تكون خلافة على منهاج النبوة "..

تحقيب تاريخ الأدب:

بسط تاريخي:

                   نلحظ أن مجموعة من الأدباء المؤرخين والباحثين، ولفيفا من الدارسين والنقدة المتمرسين قد اهتموا بالأدب وتاريخه أيما اهتمام.. وخصصوا له عدة مؤلفات وكتب، كل حسب منهجه في البحث، وطريقته في الدرس والتفكير.. ولإتمام عملهم هذا وتسهيلا لمهمتهم فيه وتيسيرا لفهم الأدب وتفهمه ثم تقديمه مادة دسمة وأكلة فكرية / أدبية طازجة لبني قومهم وجلدتهم.. حاولوا تقسيم حياة هذا الأدب إلى عصور وحقب أطلقوا عليها تسميات أو مصطلحات حددوها بفترات زمنية أو فنية معينة، وقسموها عصورا أدبية.. والتحديدات الزمنية والتسميات المختارة لها قد تعاورتها كتب التاريخ العام وتاريخ الأدب على الخصوص.. وليس هذا الأخير إلا من ذاك الأول..

         وأشهر هذه التقسيمات وأكثرها رواجا تلك التي تنبني على مسميات ارتبطت أصلا بالعشائر الحاكمة، بالبلاطات وأصحابها، بتلك الدول التي تعاقبت عبر تاريخنا، كالعصر الأموي والأعصر العباسية وعصر الإمارات.. أو على مفاهيم أحدثها إسلام فانتشرت في البقاع، ولم يجد أحد فكاكا منها، على الرغم من الموقف العدائي ضدها عند بعضهم كتسمية ما قبل الإسلام بالفترة الجاهلية أو العصر الجاهلي..

         هذا ما نجد في كثير من كتب تاريخ الأدب العام، كما عند أحمد حسن الزيات وشوقي ضيف وغيرهما، مع اختلافات طفيفة أحيانا في تسمية بعض الفترات التاريخية، أو تحديد الإطار الزمني لها أحيانا أخرى.. والعصور التي اشتهرت في تقسيم تاريخ الأدب هي:

1* العصر الجاهلي: ويتحدد زمنيا بما قبل الإسلام بنحو مائة وخمسين سنة أو أكثر حسب المؤرخين..
2* العصر الإسلامي: وقد قسموه إلى فترتين زمنيتين اثنتين:
أ+ تبدأ الأولى بظهور الإسلام وتختتم بانقضاء الخلافة مع الإمام علي كرم الله وجهه حوالي سنة 40 هجرية..
ب+ وتنطلق الثانية من تولي بني أمية الحكم ابتداء من السنة 41 للهجرة تقريبا إلى قيام الدولة العباسية سنة 131 هجرية..
3* العصر العباسي: ويبتدئ انطلاقا من استيلاء بني العباس على الحكم سنة 132 هجرية وينتهي بهجوم المغول على بغداد وسقوطها سنة 656 هجرية.. وقد قسم بعضهم هذه العصر إلى فترات أسموها العصر العباسي الأول والثاني ..إلخ.
4* العصر الحديث: وجعلوه يبتدئ بقيام دولة محمد علي بمصر إلى وقتنا الحاضر وقسموه بدوره إلى حديث ومعاصر..

         ومن بين الباحثين من جعل ضمن هذه التقسيمات المذكورة عصورا أخرى كعصر الانحطاط والعصر التركي.. إلى غير ذلك من التسميات والتحقيبات التي تعين الدارس على البحث العلمي في تاريخ الأدب.. وتيسر له مهمة إصدار هذا الأدب إلى المتلقي في أبهى صورة، وأخف ظل..

         ولا بأس هنا من الإشارة إلى إحدى التقسيمات الاستشراقية لتاريخ هذا الأدب، فقد قسم "كارل بروكلمان" على سبيل المثال تاريخ الأدب العربي إلى مرحلتين زمنيتين، كل مرحلة قسمها بدورها إلى مراحل تاريخية.. يقول(5): "ومن هنا نقسم نحن الأدب العربي إلى مرحلتين أساسيتين:
1/ أدب الأمة العربية من أوليته إلى سقوط الأمويين سنة 132 هـ / 750 م وتنقسم هذه المرحلة إلى الأقسام التالية:
  • الأدب العربي إلى ظهور الإسلام..
  • محمد (ص) وعصره..
  • عصر الدولة الأموية..
2/ الأدب الإسلامي باللغة العربية {....} نقسم تاريخ الأدب الإسلامي إلى خمسة أعصر:
  • عصر ازدهار الأدب في عهد العباسيين بالعراق منذ حوالي 750م إلى سنة 1000م تقريبا..
  • عصر الازدهار المتأخر للأدب منذ 1000م تقريبا إلى سقوط بغداد على يد هولاكو سنة 1258م..
  • عصر الأدب العربي منذ سيادة المغول إلى فتح مصر على يد السلطان سليم 1517م..
  • عصر الأدب العربي من سنة 1517م حتى أواسط القرن 19..
  • الأدب العربي الحديث..

         كما تجدر الإشارة إلى قضية جد مهمة ترتبط ارتباطا وثيقا بهذه التقسيمات والتسميات، وهي أن هذه التقسيمات بمفاهيمها كان لها أثر واضح عند أصحابها في دراستهم لهذا الأدب لأنها ارتبطت عندهم بفلسفة تعتمد السياسة والاجتماع أساسا في البحث الأدبي، يقول أحمد حسن الزيات: "آثرنا أن نجاري كثرة كتابنا في تقسيم تاريخ أدبنا إلى خمسة أعصر على حسب ما نال الأمم العربية والإسلامية من التقلبات السياسية والاجتماعية.."(6)

طرح نقدي:

                إلا أن هذه النظرة - والتي أطلق عليها اسم "النظرة المدرسية" - التي تقيم درس الأدب العربي على قسمة العصور قسمة تاريخية(7) تعرضت لكثير من الانتقادات والمعارضات التي تتبنى الوجهة التاريخية، والهجمات والحملات الأدبية من طرف ثلة من النقاد والأدباء المحدثين.. يقول طه حسين(8)وقد أصيب الرجل حينا من الدهر بعقدة النقد والنقض -: "ونحن لا نحب هذه الطريقة ولا نريد أن نسلكها..." ويقول الدكتور شكري فيصل الذي أفرد فصلا مهما في كتابه: "مناهج الدراسة الأدبية" لعرض ونقد هذه النظرية المدرسية كما يسميها (9): "يبدو أن النظرية المدرسية لا تحقق المنهج السليم في الدراسة الأدبية: لا تحققه في نفسها ولا تحققه فيما يكون عنها من تفرعاتها أو إيحاءاتها..". أما الأستاذ أنور الجندي رحمه الله فيؤكد: "أن تقسيم الأدب إلى عصور : أموي وعباسي وغيرهما هو تقسيم أجنبي ظالم، فضلا عن وصف عصري الممالك والدولة العثمانية باسم (عصر الانحطاط) بينما هذا العصر عصارة ثمرات تطور الأدب العربي والفكر الإسلامي مما يجعله خليقا بأن يسمى عصر الموسوعات." (10).

         وعندما نقد المحدثون النظرية المدرسية لم يكتفوا بالنقد فقط بل حاول بعضهم أن يطرح البديل الذي يراه مناسبا والعوض الذي يجده أفضل من غيره أو مما هو موجود بحدة في ساحة الأدب من هذه التقسيمات التي اعتمدت تحقيب الأدب على الشكل الذي سبق ذكره.. ونجد في هذا المضمار عدة محاولات منها على سبيل المثال محاولة الدكتور نجيب محمد البهبيتي الذي يقترح وبإلحاح تسميات وتقسيمات وتحقيبات يرى أنها أقرب للدلالة على المراد من تاريخ الشعر العربي - الذي هو جزء من تاريخ الأدب - في زعمه، لذلك نجده يقترح العصر الفني بدل العصر الجاهلي، والعصر العاطفي عوض الإسلامي بشقيه، والعصر العقلي مكان العصر العباسي، يقول البهبيتي في مقدمة الطبعة الأولى من كتابه إنه (11): " قد قسم أقساما جعل كل منها لعصر من عصور تاريخ هذا الشعر. فقسم منه لشعر "العصر الفني" أو الجاهلي، وقسم منه لشعر "العصر العاطفي" وهو العصر الأول من عصر الشعر الجديد، وقسم منه لشعر "العصر العقلي" وهو الثاني من عصري ذلك الجديد" ونجد كذلك أحمد أمين قد خط لنفسه طريقا أخرى في التقسيم والتسمية على العموم.. إذ خص كتابه "فجر الإسلام" مثلا للدولة الأموية مع صدر الإسلام.. وكتابه "ضحى الإسلام" للمائة الأولى من العصر العباسي.. وكتابه "ظهر الإسلام" إلى آخر القرن الرابع الهجري.. وينسب أيضا إلى المفكر الجزائري ذي الثقافة الغربية - والفرنسية منها على الخصوص – محمد أركون تقسيمات وتسميات أخر تعتمد على المنهج المعرفي (الإبستيمولوجي حسب ادعائه) والتي تميز بشكل عام بين خمس فترات أساس هي: "فترة العصر الافتتاحي أو التجربة التأسيسية، ثم الفترة الكلاسيكية، ثم العصر السكولاستيكي الأرثدوكسي، ثم عصر النهضة، ثم مرحلة الثورة"(12)

         وهناك محاولات عديدة في هذا الباب منها ما لم يكتب له الشيوع ولم يجد له من القوم سندا، ومنها ما لم تتضح معالمه بجلاء كتلك التي تعتمد على الفكر الماركسي في تحقيبه للتاريخ..

         وبعيدا عن كل تشنج فكري أو تعنت أدبي وثقافي أو تعصب غير مضبوط بضوابط الشرع والعقل نناقش النظرية المدرسية من وجهة نظر إسلامية ونفككها ونعيد تركيبها ونضبط إوالياتها من خلال مصطلحاتها التي استعملتها وتقسيماتها التي اختارتها ومنهجها الذي اتبعته في كتابتها لتاريخ أدبنا العربي والإسلامي.. فالحق والحق أقول ليس كل ما يناقش يعاب عليه وليس ما أثبت ضعفه أو عجزه يترك وليس كل رأي خطأ، وليس كل فكرة مظلمة.. فنحن نعمل في إطار المنهج الرباني الذي يوضح أن "الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها" (الترمذي وابن ماجة).. ولذلك فإن النظرية المدرسية ليست شرا كل الشر كما أنها ليست خيرا كل الخير، أو أن منهجها غير صالح بتاتا، بل إن لها مسوغات يمكن قبولها إلى حد ما إذا ما نظرنا إلى الظروف والأحوال الحياتية التي أحاطت بالعالم الإسلامي في فترة من فتراته جعلت أدباءه ومؤرخيه ينهجون هذا المنهج ويختارونه ويستعينون بتلك التقسيمات، وإن كنا لا نعذرهم على كل حال..

         والآن نعود لنقول بأن لنا أولا وقبل كل شيء موقفا من المصطلحات / التسميات والتقسيمات سنوضحه فيما بعد إن شاء الله تعالى.. أما بالنسبة لتأثير السياسة والمجتمع على الأدب، أي بالنسبة لمنهج هذه النظرية ففيه شيء من التجوز، إذ لا يمكن ربط الأدبي بالسياسي والاجتماعي فحسب إذ لا يعقل أن نجعل من نشاط إنساني متكامل يحمل كثيرا من القضايا الإنسانية ويعبر عن عديد من الهموم الكونية ويتأثر بكل أشكال الحياة في هذا الوجود العريض ثم نربط هذا النشاط الحيوي بكل حمولته بعنصرين اثنين فقط دون باقي العناصر المكونة لدائرة الحياة ومقوماتها، فهناك مؤثرات عديدة أخرى تفعل في النتاج الأدبي بنسب متفاوتة حسب قرب المبدع والإبداع أو بعدهما من هذه المؤثرات جميعها أو بعضها، كما لا يجوز أن يصبح ربط السياسي والاجتماعي وغيرهما من المكونات الحياتية بالأدبي ربطا آليا (ميكانيكيا) ينسى أو يتناسى الحياة بما فيها وما لها من آثار على الظاهرة الأدبية ذاتها أو يبعد ويقصي الجانب النفسي والشخصي والتكويني للأديب المبدع نفسه الذي يمكن أن يكون فوق الواقع السياسي أو الاجتماعي وغيرهما أثناء الإبداع تحت طائلة المعتقد، أو يغفل أو يتجاهل خصوصيات الأدب ككائن حي يستقل بذاته أحيانا، فيستعصي حتى على الأديب نفسه الذي قد يكون وقع لإبداعه في فترة مخاض قد تكون طويلة وقد تكون عسيرة وفي الأخير وبعد الولادة يعق ذاك الأدب أديبه فلا يسلم له قياده ولا يكشف له عن جماليته ولا عن بلاغة صوره التي قد يكتشفها آخر غريب عنه أديبا مبدعا كان أو ناقدا أو باحثا أو دارسا أو مؤرخا.. كما أن هذا الأدب قد يستعلي على التداول التاريخي والتغيير الاجتماعي والتقلب السياسي إلى حد ما أحيانا أخرى ليرسم صورا محض أدبية وفنية.. يقول طه حسين: "لست من الذين يحبون أن يؤرخوا الآداب بالأحداث السياسية، لأني أشك في استقامة هذا النوع من التاريخ، لكن بعض الأحداث التي تصيب حياة الأمم السياسية قد تكون دليلا، وقد تميز بعض الظروف الأدبية، فليس هناك بأس أن نعتمد على بعض الحوادث السياسية أحيانا، لا على أنها تؤرخ تطور الحياة الأدبية بل كدليل على بعض الوجود والأنحاء لهذا التطور.."(13)... فالأدب الذي عاش مثلا –أو ترعرع ونما مبدعه- في حضن (الدولة الأموية) لا يعني أبدا أنه قام مع قيا مها و ظهر بوجودها و اندحر أو انقرض مع قيام (الدولة العباسية), كما لا يعني أنه ا ستمر على وتيرة واحدة ونهج واحد لم يحد عنهما طيلة السنوات الممتدة مثلا بين سنتي 41ه و 656ه . كما أنه لم يعش حياة ذل و خنوع تتحكم في رقبته الأحداث السياسية و تلوي عنقه ا لقضايا الاجتماعية فيدور حيت دارت, ويمشي حيت مشت أو يحط حيث رسمت له, لا لشيء إلا لأن الأدب أولا كائن حي منفعل ومتفاعل ومن طبيعته أنه يسير في حركات (حلزونية) غير ثابتة ولا مستقرة على خط واحد مستقيم.. ولكونه ثانيا يحمل في ذاته شروط التغير و التطور والتحول المستمر لتركيبه الخاص.. و لكونه قبل هذا و ذاك يصدر عن إنسان حي عاقل عاطفي وجداني سلوكي يتفاعل مع الحياة برمتها فيتأثر و يؤثر, ويفعل و ينفعل, وارتباط الأدب بالإنسان هو ارتباط بالحياة بكل ما تحمله من معان و دلالات وممارسات.. فالحياة ليست سياسة فقط بل هي أكبر من ذلك, إنها الحياة كما نعيشها بكل مستوياتها وبكل مقوماتها وبجميع غاياتها وتطلعاتها.. وبكل ما ظهر منها و ما بطن.

بديل مقترح:

                  بعد هذه الرحلة القصيرة والمكثفة حول موضوع تحقيب تاريخ الأدب ومسمياته كما جاءت عند بعض الدارسين والنقاد نتساءل: هل للناقد الإسلامي موقف محدد من هذا التحقيب؟.. هل يمكنه الركون إلى هذه الحقب على أنها اجتهادات؟.. هل يبلورها ويصوغها بمفهومه الخاص الذي يعتمد فيه أساسا على الرؤية الإسلامية للأشياء أم يرفضها ويجتهد هو الآخر في وضع تسميات أخرى؟..

         كل هذا ممكن وجائز، إلا أنني أجد نفسي واقفا وقفة إجلال وإكبار واحترام واقتداء بما جاءنا عن رسول الله r وهو الصادق المصدوق.. فقد قسم r تاريخ أمته - وهو العارف به – قبل أن تحياه  فكان كما قال r.. ولهذا وجب على الناقد الإسلامي أن يجعل من تقسيم المصطفى r منهجا يسير عليه ونبراسا يستنير به في تحقيبه لتاريخ الأدب ودراسته مادام هذا الأخير جزءا من التاريخ العام..

         يقول الرسول r :(14) "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها.. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها.. ثم تكون ملكا عاضا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها.. ثم تكون ملكا جبريا ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها.. ثم تكون خلافة على منهاج النبوة"

         من هذا الحديث الشريف يمكن أن نأخذ يمكن أن نأخذ أسماء العصور التي تعاقبت على الأمة الإسلامية في تاريخها الطويل كي نضعها عناوين للكتب التي نؤرخ فيها وبها لآدابنا العربية والإسلامية.. وبادئ ذي بدء نلحظ في هذا التقسيم غياب عصر ما قبل الإسلام وذلك لكونه فترة أشهر من أن تذكر، وقد سبقت وصارت من الماضي، في حين يتحدث النص عن الحاضر والمستقبل ويشخص واقعا منتظرا، لذا لم يثر الحديث اسم الجاهلية أو ما يدل على الفترة التي كانت قبل الإسلام، فكانت فترة مغيبة من النص لأن الهدف ليس التذكير بما كانت عليه حال العرب قبل الدعوة وإنما رصد بتفصيل ما يؤول إليه واقع الأمة انطلاقا من زمن الرسالة إلى يوم القيامة.. ثم لكون هذا العصر أخذ تسمية واضحة منذ بداية الإسلام ورسخت في أذهان المسلمين..

         إن تغييب اسم هذا العصر على مستوى نص الحديث الشريف يجعلنا نولي وجوهنا قبل قبلة عظيمة هي القرآن الكريم في مثل قوله تعالى:pولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى i (الأحزاب:32) وقوله سبحانه: p وإذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية i (الفتح:25) وقوله عز وجل: p أفحكم الجاهلية يبغون i (المائدة:51).. وأحاديث رسول الله r عن "الجاهلية"كفترة زمنية لها خصائصها ومميزاتها، كثيرة جدا، منها على سبيل المثال فقط لا الحصر {ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي وموضوع: ودماء الجاهلية موضوعة} (مسلم 2/41) وقوله r للسيدة عائشة في حديث: {لولا أنك قومك كانوا حديثو عهد بجاهلية} (مسلم 2/98).. وهكذا نضيف هذه التسمية إلى ما جاء في حديث الرسول r ونقول كما قال الأستاذ سعيد حوى رحمه الله في تعليقه عليه: "وواضح أن الدور الأول والثاني انتهى بزوال الخلافة الراشدة، وأن الدور الثالث استمر حتى زوال الدولة العثمانية، وأن الدور الرابع هو الذي نحن فيه، وأن الدور الخامس قادم بإذن الله"(15)
         وبهذا نكون قد أخذنا فكرة عامة عن الشكل الذي يمكن أن نصوغ عليه التاريخ الأدبي الذي نريد.. ونكون قد وضعنا لتاريخ الأدب حقبا وأعصرا تسمى على الشكل التالي:

1* عصر الجاهلية الأولى: وهو عهد العرب قبيل الإسلام.. وقد تطول مدته الزمنية وقد تقصر حسب ما ثبتت صحته من أخبار وروايات وأحداث، بحيث لا نجعل الظن مطية للحديث عن هذه الفترة الموغلة في القدم، بل نكتفي بما أثبتت الرواية صحته ونورد غير ذلك للاستئناس أو الرد..
2* عصر النبوة: وهو عصر البعثة والإشراق، وعصر الدعوة والتعليم والجهاد والتنظيم وإرساء قواعد الإسلام ودعم الحق المبين وتأسيس الدولة القرآنية.. وعصر توضيح المسارات في جميع شؤون الحياة، ومنها الجانب الأدبي المتمثل آنذاك في الإبداع الشعري على الخصوص الذي أرسيت قواعده منذ فترة الجاهلية، وقد بين الإسلام مواقفه بكل وضوح في أمره قولا وفعلا، آية ومنبرا، سورة ولواء..
3* عصر الخلافة الراشدة الأولى: وهو عهد سار على منهاج النبوة في الحياة واقتفى أثر الرسالة حتى في معالجته لما يطرأ من مشكلات فكرية أو ثقافية أو واقعية، ولذلك فهو استمرار وتكميل له على المستوى الفكري والمادي، وتابع له على المستوى العقيدي والتشريعي..
4* عصر الملك العاض: وبه تحققت القطيعة المنهجية بينه وبين الذي قبله، وازدادت الفجوة كلما طال الزمان وتراكمت الفتن، وابتعد الناس عن المنهاج.. فقد أصبحت الخلافة وراثية، وبذلك أفرغت من محتواها الشرعي، وأصبح لها نعت آخر هو أولى بحقيقتها وهو "الملك العاض" بدل "الخلافة الشورية"..
5* عصر الملك الجبري: وهو تطوير لما سبقه وزيادة في القطيعة على كل المستويات والأصعدة، إنها قطيعة حياتية/معرفية..
6* عصر الخلافة الراشدة الثانية: وهو قادم بإذن الله لا محالة p وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى i(النجم:2) وهو عصر يصبو كل إسلامي إلى تحقيقه.. والممارسة الأدبية – وهي جزء لا يتجزأ من الحياة – تعمل على إيجاد هذا العصر في الواقع الأدبي...

         وبعد هذا الطرح البديل قد يتبادر إلى الذهن أن هذه التحقيبات لا تختلف عن تقسيمات النظرية المدرسية وطروحاتها أو عن غيرها من التقسيمات المماثلة والتي تعرضت للنقد والتمحيص.. إلا أن هذه المقارنة تكون سطحية ومن ثمة ظالمة ومجحفة لأنها تتعامل مع الحديث النبوي الشريف كجزء منفصل أو لا علاقة له بالمنظومة الإسلامية المتكاملة، وهذا أكبر خطأ في التقدير، وأدهى عيب في التحليل يقع فيه كثير من الدارسين والباحثين، وذلك حينما يحاولون إعطاء نظرة معينة عن قضية إسلامية معتمدين في ذلك على نص أو نصوص شاردة دون ضبطه أو ضبطها داخل البنية الكبرى التي هي الإسلام بصفة عامة عقيدة وعبادة وممارسات وسلوكيات وشرعة ومنهجا ورؤية وحضارة وثقافة...

         ولهذا سنحاول توضيح بعض خصائص ومميزات هذا التحقيب النبوي البديل على أساس أنه بنية صغيرة داخل بنية أكبر لا انفصام فيها، تتفاعل مع بنيات صغيرة وكبيرة أخرى في إطار الكبرى الأساس..

  • هذا التقسيم أولا وقبل كل شيء صدر عن رسول الله r، وما دام كذلك فهو أصلا يعتمد على الوحي في شكل من أشكاله، لأن الله تعالى يقول كما أشرنا سالفا: p وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى i(النجم:2) ولذلك وجب الأخذ به والعمل على استغلاله في المهمة التي نحن بصدد طرح موضوعها، اقتداء به r واتباعا لمنهجه القويم تحت ظلال قوله تعالى: p وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا i(النجم:2) وقوله سبحانه: p قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم i(النجم:2) وقوله عز وجل: p وما كان لمومن ولا مومنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة i(النجم:2)... وهذا الحديث وإن كان من باب الإخبار بواقع آت، وتقرير حال مستقبل فإن توظيفه في هذا الأمر لمن كمال العمل وسمو الفعل، وهو خير من غيره وأقرب للحق من سواه..

  • وهو أيضا تقسيم أثبت مصداقيته وأظهر التاريخ مشروعيته، وبين جدواه ومعقوليته، فهو لا يرتبط بعشيرة بعينها ولا بقوم أو دولة في حد ذاتها، وإنما يسم نوعية الأنظمة التي طغت على الحياة برمتها، ورسمت خطوطها الرئيسة، وأخذت الحيز الأكبر والأوفر فيها.. ويجب إلفات النظر إلى كلمتي "الأنظمة والحياة" حتى لا يفهما فهما ضيقا، أو يفهم أني قصدت جانبا بعينه دون غيره (كالسياسي مثلا دون العقيدي أو الاقتصادي أو الاجتماعي كلا على حده) لأن الإسلام عندما يحدد نمط الحياة ونوعية نظامها في فترة معينة فهو لا ينظر النظرة الأحادية، بل هو يعطي الحياة مفهوما شموليا مترابطا، ومن ثمة يحدد نمطها المتفاعلة مكوناته ويرفع من الجانب البارز فيه كي يتضح أكثر للعيان..

         إنه تقسيم له خلفيات إسلامية، يصدق عليه ما يصدق على الإسلام من شمولية وواقعية وإنسانية وطبيعية وحيوية وتكامل ومن مقومات وخصائص ومميزات، فالجاهلية مثلا مصطلح وضعه الإسلام عنوانا لكتاب الحياة برمتها قبيل الإسلام، فهو لا يعني الانحراف العقيدي القلبي، أو الأخلاقي السلوكي فحسب –  كما يريد بعضهم أن يوهمنا أو كما يودون أن يفهمونا–  ولكنه مصطلح وضعته عين الإسلام الثاقبة الواسعة النظر الرحبة الأفق، كي تكشف به انحراف الحياة البشرية برمتها – عقيديا وأخلاقيا وسياسيا واجتماعيا ونفسيا واقتصاديا وفكريا وعلميا وحضاريا وعلائقيا...- كل ذلك أجمعه وغيره من مكونات الحياة صغيرها وكبيرها عظيمها وحقيرها..- فالجاهلية، بهذا المفهوم الإسلامي وبهذا المعنى الإيماني وبهذه الدلالة الشمولية، تعم كل المستويات الحياتية دون استثناء.. ومن هنا نفهم قولة الأستاذ محمد قطب في كتابه "جاهلية القرن العشرين"(16): "إنما الجاهلية –كما عناها القرآن وحددها- هي حالة نفسية ترفض الاهتداء بهدى الله والحكم بما أنزل الله.." ولسيد قطب رحمه الله كلام طيب حول هذا المصطلح في كتابه:"في ظلال القرآن" يقول فيه: "والجاهلية ليست فترة معينة من الزمان، وإنما هي حالة اجتماعية معينة ذات تصورات معينة للحياة، ويمكن أن توجد هذه الحالة، وأن يوجد هذا التصور في أي زمان وفي أي مكان فيكون دليلا على الجاهلية حيث كان" (17).. وقد نخصص في فرصة أخرى بحثا أو وقفة طويلة مع هذا المصطلح/التسمية كي نحدده وكل ملابساته أو بعضها على الأقل بالاعتماد على ما توصلنا إلى جمعه من نصوص إسلامية تحمل كلمة "الجاهلية" ومشتقاتها..

         ثم إذا وقفنا كذلك عند المصطلح المركب "عصر النبوة" فلا أظن أن أحدا يحصر "النبوة" وعهدها في ممارسة واحدة من ممارسات الحياة العادية، كيف ما كانت طبيعة هذه الممارسة.. فالنبوة منهج حياة، وطريقة عيش، وسبيل كوني مستقيم، وفضاء حركي متفاعل، ورؤية حضارية راقية، ونظرة مستقبلية شاسعة.. إنها فترة تمازج فيها العقيدي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والأدبي وغيرها من أنماط السلوك البشري الثابت منها والمتحول.. كلها سارت متضامنة متقاربة متفاعلة، متشابكة تدفعها قدرة واحدة تبدو هي القاطرة وهي العقيدة الإسلامية.. إنها عهد جديد أسس وأتم حياة جديدة بنفس جديد وروح متجددة وآفاق عالية وجدية..
        
         وبهذا المعنى وهذا المفهوم، وعلى هذا الشكل وبهذا المنحى، وهذه الرؤية الشمولية يجب فهم باقي المصطلحات والتسميات التي وضعت للحقب التاريخية الأخرى.. فهي كلها تنم عن نوعية الحياة والأنظمة التي تسودها والتي يحياها الأديب ويتعايش معها وتحت ظلها وفي كنفها ويتفاعل بها ومن خلالها.. وليست منهجا صارما تخضع له رقبة الأديب قسرا وعنوة، فالعكس هو الذي يظهر أحيانا في التاريخ، وخاصة حينما نجد مثلا أدباء مناهضين للحياة ونظمها التي هم فيها مناهضة قد تكون إيجابية وقد تكون سلبية.. كأن نجد في عصر الخلافة الراشدة شعراء يمثلون التيار الرجعي، فهم لم ينفعلوا ولم يتفاعلوا مع الحياة في ظل الخلافة الراشدة - كما كان آخرون في عهد النبوة تماما- فأخذوا يحنون إلى حياة الجاهلية الأولى بعد ما تمكنت منهم حميتها، فصاروا يضرمون نارها من جديد في ذلك المجتمع الجديد، ليعودوا به إليها القهقرى، وهذا ما نقصده بالمناهضة السلبية.. أو كأن نجد شعراء وأدباء في عصر الملك العاض مثلا ينادون بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعودة إلى العقيدة الصافية الشاملة والعمل الصالح الكوني، ويقدمون نظرة الإسلام للإنسان والكون والحياة في مجتمع أضاع هذه النظرة وفقدها أو رماها ظهريا، وهذا ما نريد بقولنا:مناهضة إيجابية..

  • إن هذه التقسيمات تبرأ من المفهوم الآلي (الميكانيكي) فليس كل عصر يبتدئ بكذا وينتهي بكذا، بالمفهوم الرياضي،ولا كل عصر لابد أن يسلم إلى عصر يليه كما يظن بعض منظري المادية المتشنجة الحديثة في تحقيبها للتاريخ، كما تبرأ من مفهوم الانغلاق – كما ينظر بعض متطرفي البنيوية – أي العصر المغلق بالوجهة السنكرونية.. فكل عصر حدده الحديث النبوي الشريف لا يعني أبدا أنه حقبة تاريخية غير مفتوحة على ما قبلها ولا على ما بعدها.. بل إن كل عصر يعتبر حلقة من حلقات السلسلة التاريخية – لا انفصام فيها – تحمل نوعا من الارتباط والعلاقة لا يمكن إنكارها، إلا أنه يمكن القول بأن الحلقة الثانية قد تكون أرقى من التي قبلها وقد تكون أقل منها وأضعف، وذلك يتحدد حسب معطيات الحقبة بالنسبة للتي قبلها أو التي بعدها، أي أننا إذا حاولنا أن نتخذ منهج المقارنة بين العصور استطعنا أن نخرج بنتائج مهمة.. ففترة النبوة من خلال معطياتها تعد أرقى وأزهر من فترة الجاهلية الأولى في كل شؤون الحياة، في كل الأنظمة وعلى جميع المستويات والأصعدة.. أما فترة الملك الجبري مثلا فهي أرقى من عصر النبوة لكن في المجال المادي ليس إلا، مع أنه لم يستغل في خدمة الإنسان المسلم.. أما في المجالات الإنسانية الأخرى فإن عصر الملك الجبري أحط من العصر النبوي وأقل قيمة، أي أنه على الرغم من التقدم المادي في ذاك العصر بقي أحط روحيا وأخلاقيا واجتماعيا..

         كما أنه لا يمكن أن ننفي وجود بقايا عصر سبق في عصر لحق.. وقد يدلنا على هذه النقطة بوضوح وجلاء ما نفهمه من حديث رسول الله r في أبي ذر الغفاري t - وما أدرانا ما أبو ذر – {إنك امرؤ فيك جاهلية}(البخاري:1/15)..  ويقول r : {قاربوا وسددوا فإنها لم تكن نبوة قط إلا كان بين يديها جاهلية، قال: فيؤخذ العدد من الجاهلية فإن تمت وإلا كملت من المنافقين}(تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: 9/11).. ثم إن قضية الحدود في الإسلام ليست إلا مسألة تؤكد ما نريد قوله، فهي جعلت أصلا للمجتمع الإسلامي، وبمعنى أوضح وأدق فإن هذا المجتمع القرآني يوجد فيه وضمنه من جعل الله له هذه الحدود، ومن ثمة فإن العنصر الجاهلي أو العناصر الجاهلية لا تفارق المجتمع الإسلامي مهما بلغ وإن كان في عهد النبوة نفسها.. وبه كذلك نفهم ظهور عمر بن عبدالعزيز t ممثلا لعصر الخلافة في عصر الملك العاض..

  • يتضح مما سبق أن تاريخ الأدب عندما يقسم حسب هذه الأعصر المسماة، فهذا يعني البحث في الظاهرة الأدبية ككائن حي يتأثر بكل أنظمة الحياة وأنماط العيش ومستويات الوجود بمظاهره وخوافيه، ويؤثر فيها جميعا، أو في بعضها إما بدفعها إلى الأمام وتحفيزها على التقدم والتطور والمزيد من الرقي والازدهار.. وإما بتثبيطها، وإيقاف مدها، وقهر وجودها، والعمل على إرجاعها القهقرى..

         إن الأدب يعمل في الحياة على هذين الخطين، كما أنه يمكن أن يكون كائنا لغويا ليس إلا.. أي بعيدا عن أي تأثير أو تأثر، لا يتعدى أن يكون صيغة فنية جمالية ذوقية شكلية يستمتع بها الأديب والمتأدب، أي لا يتوخى منه إلا الاستمتاع، وإن كان هذا الجانب في الأدب غير متحقق لكونه لن يخلو أبدا من موضوع يحمله أو يكمن فيه..

         ولكي نميز بين هذه الصيغ الثلاث لهذا الكائن، ونحدد كل صيغة منها ونعطيها حقها في تاريخ الأدب، وننزلها منزلتها الحقيقية، ولا نبخسها إياها صار حتما علينا أن نبحث في هذه الظاهرة الأدبية بما فهمنا من هذه التقسيمات من شمولية وتكامل وتفاعل وتفرد.. وهذا المنهج في البحث ليس إلا الإسلام كما هو وكما يبين عن نفسه، لا كما يصوره لنا من هو خارج عنه، بعيد عن دائرته..

         بعد هذه الرحلة في البحث عن خصائص هذه المصطلحات، وتوضيح هذه التسميات، وإرساء قواعد هذه الأعصر يمكننا الدخول أو الشروع في بحث قضية أخرى تتعلق بالتي سبقت، وهي قضية التحديد الزمني بالأرقام.. فهذه المسألة الزمنية مرتبطة لا محالة بالتقسيمات إلى الأعصر المذكورة سالفا.. فالناقد الامي سيستعين، ويفيد، بتحديد الأزمنة وترقيمها ليزيد من تسهيل عملية التأريخ النقدي للأدب وتيسيرها...

         التحديد الزمني يعرف بعصر الأديب والمراحل التي مر بها في حياته وما توالت عليه من فترات، بفرحها وحزنها، بتأثيرها وتأثرها، بثباتها وتقلباتها، بحركاتها وسكناتها.. كما يساعد على تفهم إنتاجاته الأدبية، وكيف ومتى صقل موهبته وتدرج في مستوياته الأدبية – صعودا وهبوطا – وانفعل مع الحياة، وانعكس ذلك على جل أو بعض أو كل إنتاج أدبي صدر عنه في فترات حياته..

         وإذ نعرض لهذه القضية فإنما نتوخى منها معرفة: إلى أي حد يمكن أن نأخذ بمسألة التحديد أو الترقيم الزمني في تاريخ الأدب.. وهذا التحديد أو الترقيم داخل بطبيعة الحال في التقسيمات التي أثبتنا شرعيتها.. وهذا الدخول يتم عن طريق تحديد عصر بأكمله بين فترتين أو رقمين زمنيين، وأحيانا يتعذر مثل هذا العمل بل ويصبح مجازفة لا نأمن ردود فعلها النقدية.. كما يتم عن طريق تحديد أزمنة متعددة داخل العصر الواحد تبعا لما تتطلبه هذه الفترة من تاريخ لشخصياتها وأدبائها.. وهذا التحديد أو طبيعة هذا التحديد ترتكز – على أي حال – على نصوص إسلامية نستوحي منها ما نريد أن نصل إليه ونتمثله.. وذلك من مثل قوله تعالى:  p ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى i( الأحزاب:32) حين حدد الجاهلية بالأولى.. وقوله تعالى موضحا كم سنة لبث الفتية في كهفهم: p ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا i( الكهف:24) وآيات أخرى تفيد التحديد الزمني بالعدد.. كما أفصح الرسول صلى الله عليه وسلم عما نريد في قوله: {الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك} وهذا تحديد لعصر بأكمله، ويوضح هذا أكثر سفينة راوي الحديث حين قال:"أمسك عليك خلافة أبي بكر ثم قال وخلافة عمر وخلافة عثمان ثم قال أمسك خلافة علي فوجدناها ثلاثين سنة.."(تحفة الأحوذي: 6/476و478).. إذن سنأخذ هذا الأمر منهجا يتبع في تأريخ الآداب.. وتبقى التحديدات الزمنية للأعصر المتبقية على العموم اجتهادية وترجيحية ليس غير.. أما العصر الواحد من هذه الأعصر فالتحديدات فيه زمنيا تسهل وتتيسر نظرا لكونها ترتبط بالأحداث الأدبية التي تقع فيه... 


كتبت المقالة في رمضان 1989م

 (منذ 1989م لم تقبل مجلة منار الإسلام الإماراتية نشره على الرغم من أنها نشرت الجزء الأول منه وكذلك فعلت مجلة الأمة القطرية لا لشيء إلا لأنه يقترح حديث الخلافة على منهاج النبوة بديلا لتقسيم تاريخ المسلمين)

الهوامش والمراجع: 

(1)     انظر "دليل الأدب الإسلامي في العصر الحديث" الجزء الأول إعداد الدكتور عبدالباسط بدر.. دار البشير الأردن الطبعة الأولى/1993 الصفحة 204 الرقم: 1758

(2)     في الأدب الجاهلي دار المعارف بمصر الطبعة التاسعة/1968 الصفحة:53

(3)     راجع مقالتنا بمجلة "منار الإسلام" السنة :12 العدد:8 بتاريخ: 01/03/1987 الصفحات: 88 - 98 
(4)     تاريخ الآداب العربية من الجاهلية حتى عصر بني أمية.. دار المعارف بمصر الطبعة الثانية/1970 الصفحات:18و19
(5)     تاريخ الأدب العربي ترجمة الدكتور عبدالحليم النجار دار المعارف بمصر الطبعة الخامسة بدون تاريخ.. الجزء الأول الصفحة: 37و38
(6)     تاريخ الأدب العربي دار الثقافة بيروت- لبنان الطبعة الثانية الصفحة: 5
(7)     مجلة "الناشر العربي" سورية العدد الثاني لشهر فبراير 1984 الصفحة: 12
(8)     في الأدب الجاهلي الصفحة: 38
(9)     دار العلم للملايين بيروت الطبعة الخامسة مارس 1982 الصفحة: 43
(10)  خصائص الأدب العربي دار الكتاب اللبناني ودار الكتاب المصري وهو ضمن الموسوعة الإسلامية العربية تحت رقم: 7 الصفحة: 57
(11)  تاريخ الشعر العربي دار الثقافة المغرب الطبعة 1982 الصفحة: 68
(12)  مجلة الوحدة العدد الثالث السنة الأولى دجنبر 1985 الصفحة: 123/وقارن بجريدة "القبس" الكويت بتاريخ: 02/12/1985 العدد: 194 الصفحة11 من الطبعة الدولية
(13)  من حديث الشعر والنثر دار المعارف مصر الطبعة العاشرة الصفحة:81
(14)  سلسلة الأحاديث الصحيحة محمد ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي الطبعة الثالثة/1983 المجلد الأول الصفحة: 8 ونقارن بكتاب أحاديث سيد المرسلين عن حوادث القرن العشرين للشيخ عبدالعزبز عزالدين السيروان منشورات دار الأفاق الجديدة بيروت الطبعة الأولى/ 1982 الصفحة: 24 وانظر في شرح الحديث كتاب الرسول r لسعيد حوى دار الكتب العلمية بيروت.. الطبعة الرابعة/ 1979
(15)  كتاب الرسول r لسعيد حوى.. المرجع السابق نفسه الجزء الأول الصفحة: 129
(16)  دار الشروق بيروت ودار الثقافة المغرب طبعة 1983 الصفحة: 7
(17)  المجلد الخامس الطبعة السابعة /1978 دار الشروق الصفحة: 2861


"PDF" تحميل ملف 

0 تعاليق:

إرسال تعليق