class='ads'>
السبت، مايو 2

الجزء الأول من دراسة: "مشروع رؤية جديدة لتدريس وحدة التربية الإسلامية"

مشروع رؤية جديدة لتدريس وحدة التربية الإسلامية

  الدكتور عبد الرزاق المساوي

نشرت الدراسة في جريدة التجديد على مرحلتين:
 29- 08 -2003م  و 01 -09 -2003م

وجاء في تقديم الجريدة بعد نشر الجزء الأول ما يلي:

"هذا هو الجزء الثاني من الدراسة القيمة التي أنجزها الأستاذ عبد الرزاق المساوي في التربية الإسلامية ببلادنا ليقدم رؤية جديدة لتدريسها والعناية بها وإعادة الاعتبار لها. وفي عدد يوم أمس 247 تطرق المساوي إلى تجربة الميثاق ومكانة التربية الإسلامية فيه، ومكونات الوحدة (القرآن الكريم والعقيدة والعبادات والآداب والأخلاق والحديث والسيرة). وبعد ذلك شرع في عرض طرق تدريس المادة، وكان أول منهج تناوله هو التدريس الموضوعاتي الذي يعتمد على قضايا ومواضيع معينة يكون محورا للدراسة خلال سنوات التعليم الأساسي بشكل متسلسل متكامل. وركز المساوي على القصة ومكانتها ودورها الجذاب في التعليم والتشويق. ونتابع هذه الدراسة القيمة باستكمال العرض حول القصص القرآني ومكانته في التربية الإسلامية في مختلف مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي. وانتقل العرض بعد هذا إلى طريقة أخرى من طرق التدريس، ألا وهي منهج التدريس الإقرائي، ثم منهج نظام الوحدات، ثم طريقة الأهداف والكفايات، وأخيرا الدعم والاستثمار. فإلى بقية الدراسة"

الجزء الأول من الدراسة
لماذا هذه الرؤية الجديدة ؟
كثر الحديث وكثر إلى حد اللغط منذ زمن طويل، إلا أنه في الآونة الأخيرة تميز بحدة ملحوظة، الكلامُ عن عدم ملائمة البرامج والمناهج والمقررات في بلادنا لمكونات الطفل المغربي الحسية والحركية والعقلية والفكرية والنفسية والوجدانية والعاطفية والسلوكية والخلقية...الخ.، بل ولكل التطورات الحاصلة (الكائنة والممكنة) في علاقاته المتشعبة والمتداخلة والمختلفة مع نفسه وذاته ومقوماتهما، ومع أسرته وعائلته وأسسهما، ومع مجتمعه الذي يحيا ضمنه، بكل ما فيه من مقومات ومكونات وخصائص ومتغيرات ودعائم وشرائح.. ومع عالمه المحيط به الضارب بجذوره في القدم بأصالته وماضيه النابض بالحياة وتقاليده العريقة وموروثاته، وبمستجدات عصره وجديد علومه، وآفاق نظراته، ومتطلبات آماله..
ولقد تعاقبت مجموعة من الإصلاحات والتوجيهات والندوات والمؤتمرات والاجتماعات واللقاءات والتوصيات منذ حصول المغرب على الاستقلال.. (أنظر جريدة التجديد عدد 28 شتنبر 2000 الصفحة6) ولقد قام على هذا الشأن ثلة من العلماء والمثقفين والأدباء والمصلحين والغيورين وأصدروا بيانات وتوصيات في إطار جمعيات ولجن مفوضة وغير مفوضة.. إلى أن توجت أخيرا وليس آخرا باللجنة الوطنية لإصلاح التعليم والتكوين (مارس1999) والتي نظرت وأعادت النظر وتقصت وبنت على تقصيها ما أسمته "مشروع الميثاق الوطني للتربية والتكوين" الذي صمم على قسمين رئيسين متكاملين :
تضمن القسم الأول المبادئ الأساسية التي تضم المرتكزات الثابتة لنظام التربية والتكوين والغايات الكبرى المتوخاة منه، وحقوق وواجبات كل الشركاء والتعبئة الوطنية لإنجاح الإصلاح.
أما القسم الثاني فيحتوي على ستة مجالات للتجديد موزعة على تسعة عشرة دعامة للتغيير(الميثاق..ص:3)
ولقد شجعت من بين ما شجعت عليه هذه اللجنة التجديد والإبداع المستمرين في إطار إصلاح بنية التعليم ببلادنا..
وإذ نسعى إلى المساهمة في الوصول إلى التجديد والتغيير المستمرين والإصلاح الشامل الذي يطال المواد جميعها والمستويات كلها في إطار من الوحدة والتكامل انطلاقا من وحدة البرامج والمناهج والمقررات التعليمية وتكاملها، فإننا نقف اليوم بين يدي وحدة عانت وتعاني أكثر من غيرها من الوحدات الدراسية، كي نعطيها نفسا جديدا ومجددا ومتجددا يخول لها مسايرة مستجدات التوجهات العامة لتعليم وتأطير وتكوين فلذات أكبادنا، وأبناء بلدنا، طفلنا المغربي المسلم، طفل المستقبل الزاهر والغد المشرق، ويراودنا الأمل في أن تكون هذه المساهمة محورا تنطلق منه، وعلى غراره باقي الوحدات المقررة ثم يتشعب بعد ذلك بعضها من بعض في إطار برنامج متماسك ومتكامل..

أين تتجلى هذه الرؤية الجديدة ؟
تتجلى هذه النظرة أو هذه الرؤية الجديدة المقترحة والتي نطمح أن تكون بديلا للرؤية المسطرة حاليا، والنظرة العتيقة التي أعطت أفكارا عكسية في أنفس وأذهان ووجدان وسلوك وتصرفات وعلاقات المتعلمين والتلاميذ والطلبة، وقد تجلت عندهم هذه الأفكار المعكوسة من خلال بعض تصرفاتهم وسلوكياتهم، فلا هم تأثروا بالدرس الإسلامي، ولا هم سلكوا صراطه المستقيم، بل على العكس من ذلك أصبحوا يتقززون من كل ما يسمى تربية إسلامية، وكل ما ينضوي تحت هذه التسمية من مواد ومواضيع، ويفرون منها أو يتحاشونها ويبتعدون عن تناولها وإذا تناولوها فإما استهزاء بها ونسج النكت حول مواضيعها.. وإلا فهم مكرهون على التعامل معها بحثا عن النقط أو النتائج الحسنة المطالبين بها في آخر كل سنة دراسية.. وهكذا– وللأسف الشديد- ثبت وترسخ في أذهانهم عقم مواد هذه الوحدة –مع أن نصوصها ولود-، ومحدودية أفقها –مع أنها شمولية وبعيدة المدى-، وعدم مسايرتها –على الأقل– لما يلحظونه في وحدات ومواد أخرى مواكبة لها في الدرس والتحصيل..
وهذا ليس خطأ في فهم المتعلمين، وليس جهلا منهم بقدسية هذه الوحدة، كما أنه ليس عيبا في الوحدة في حد ذاتها، وإنما هو قصدٌ من واضعيها ومقرريها الذين مارسوا عليها وفي حقها ظلما عظيما وإجحافا شديدا على جميع المستويات: من اختيار النصوص، وبناء الدروس، والهيكلة والمقرر والبرنامج، والمنهج والطريقة والأداء إلى سلوك بعض القائمين على تدريسها..
وبهذا النوع من الممارسة الغاشمة الظالمة، لم يتحقق حتى الحد الأقل من الأدنى من الأهداف المتوخاة أصلا من وحدة التربية الإسلامية، بل وحتى من تلك الأهداف المسطرة والمدبجة في إحدى كتب مديرية التعليم الابتدائي قسم البرامج: "أهداف وتوجيهات" وهو كتاب تتبناه وزارة التربية الوطنية المغربية..
تتجلى إذن هذه الرؤية الجديدة في رفضها أولا وقبل كل شيء لكل الممارسات التعسفية والتشويهية التي طالت بشكل أو بآخر بقصد أو من غير قصد مجموع مكونات وحدة التربية الإسلامية، والتي أدت إلى ما نلحظه على أرض الواقع النفسي والمجتمعي والعلائقي..
كما تتجلى ثانيا في التعامل الجديد مع عناصرها كلها، والتي سنوضحها من خلال:
1 * مكونات الوحدة:
إن مكونات وحدة التربية الإسلامية كثيرة ومتعددة إلا أنها قد تجمع في مكونات أساس تعد على رؤوس أصابع اليد الواحدة، تعتمد للدرس والبحث في تعليمنا بصفة عامة والأساسي منه على الخصوص، ثم إن كل مكون من تلك المكونات المقترحة يحمل مجموعة من المواد التي تزخر بمجموعة من الدروس الحبلى بالمواضيع الغنية جدا من حيث عدد النصوص الشرعية فيها، والمفاهيم والأفكار والنظريات التي تستخلص وتستوحى منها، وكذا المبادئ السلوكية/الحركية والعملية/التطبيقية التي تستفاد عنها، وكل ذلك من أجل إصلاح النفس والمجتمع وتخليقهما وتفعيلهما والرقي بهما نحو الأفضل..
ومن هذه المكونات المقترحة في وحدة التربية الإسلامية نجد:
أ/ مادة القرآن الكريم:
وهي عبارة عن دروس تحمل مجموعة من الآيات القرآنية التي تعتمد على وحدة الموضوع على الرغم من أنه سيتم اختيارها من سور متعددة، وذلك بدل منهج الحزب المبرمج حاليا في المقررات المدرسية، والذي يحمل في أغلب سوره آيات لا توافق المستوى العقلي والوجداني للطفل، ولا حتى الروحي، ولا تعطيه في المرحلة العمرية التي هو فيها ما يحتاجه كطفل، لأنها تعتبر أكبر منه مستوى وأعقد على تفكيره وإن حاول المدرس أن يدللها..
ب/ مادة العقيدة:
وهي دروس تأخذ بالتدريج مفهوم الإيمان انطلاقا من حديث جبريل عليه السلام، فيبدأ بالنص في جزئيته ثم يتناول المعنى أو الفهم الإجمالي، لينتقل بعد ذلك إلى التخصيص وإفراد كل مكون من مكونات الإيمان على حده وطرحه بشكل يتناسب ومستوى الاستيعاب لدى المتعلم في مراحل تعلمه..
ج/ مادة العبادات:
وهي دروس تأخذ أيضا بالتدريج مفهوم الإسلام انطلاقا من حديث جبريل نفسه، وتنطلق من التعليم التطبيقي/العملي/الوظيفي إلى التعليم عن طريق تدريس نصوص القرآن الكريم والحديث الشريف المتعلقة بكل عبادة، ثم الانتقال من تدريس النصوص إلى فهمها وطرح مختلف الآراء حولها، وكيف يتم الاستدلال بها والتعامل معها للوصول إلى تحسيس المتعلم بطرق التفكير والاستنباط...
د/ مادة الآداب والأخلاق:
تنطلق هذه الدروس من مفهوم الإحسان كما ورد في حديث جبريل عليه السلام ومعتمدة على ما رواه الإمام مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"...
وتؤخذ موضوعات هذه الدروس انطلاقا من نصوص القرآن والحديث حسب متطلبات وحاجيات المرحلة العمرية والدراسية وتبسط في معانيها، وما تحمله من مزايا ومردودية على مستوى الفرد والمجتمع، ويعتمد في هذا الأمر على علوم التربية الإسلامية بصفة عامة، ويستأنس فيها بعلمي النفس والاجتماع بجميع فروعهما في غرس السلوك السوي وجعله ممارسة يومية...
هـ/ مادة الحديث والسيرة:

تستغل في دروسها نصوص من الأحاديث الشريفة الصحيحة في مجالات مختلفة غير تلك التي مرت في دروس المواد السابقة، ونصوص متفق على صحتها من السيرة العطرة التي تساهم مجتمعة مع الحديث في بناء شخصية متوازنة ومتكاملة ومتفاعلة - أخذا وعطاء دون شعور بدونية أو تحقير للذات/النفس - مع الواقع القريب منها والبعيد ومع العصر الذي تعيش فيه بكل ما يحمله هذا الواقع وهذا العصر من إيجابيات وسلبيات على جميع المستويات... وبذلك يكتسب المتعلم تلك الشخصية المتفردة والمتميزة، والتي من خلالها يستطيع أن يحيا حياة طيبة بالمفهوم الإسلامي..

وللدراسة بقية إن شاء الله تأتي...ء
2* طرق التدريس:

0 تعاليق:

إرسال تعليق